طالبت كل من المعارضة الموريتانية والجالية الموريتانية في الولايات المتحدة أمس الرئيس الموريتاني بالإبقاء على منزل السفير الموريتاني في واشنطن الذي أشيع أن الحكومة قررت بيعه لأسباب لم يعلن عنها رسميا.

وهاجمت المعارضة الموريتانية عمليات بيع العقارات العمومية وأدرجته في بيان وزعته أمس ضمن ما أسمته «عمليات النهب الواسعة وغير المسبوقة للممتلكات العامة التي يقوم بها نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز».

«فلم يكتف النظام الحاكم، تضيف المعارضة، بنهب الثروة الهائلة التي حصلت عليها موريتانيا خلال السنوات الماضية من الارتفاع غير المسبوق في أسعار الحديد والذهب، ولا بمضاعفة مديونية البلاد، ولا بالتربح من جيوب المواطنين عبر جباية مئات المليارات من فارق سعر المحروقات وزيادة الضرائب والجمركة على المواد الاستهلاكية، بل عمد إلى الاستحواذ على عقارات الدولة و»بيعها» في ظروف غامضة للمحيط العائلي لرأس النظام أو لمتنفذين من محيطه».
وزاد البيان «..وفى فصل جديد من مسلسل الفساد، ينوى النظام بيع منزل السفير الموريتاني في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية الموجود في أحد أرقى وأغلى أحياء العاصمة الأمريكية، وذلك بثمن زهيد وفى ظروف غير شفافة دون أن يكون للأمر أي مبرر، مما حدا بالجالية الموريتانية هنالك أن تتصدى لهذا الإجراء حيث نظمت وقفة احتجاجيه أمام السفارة، وبعثت بنداء استغاثة لكل القوى الحية في البلد من أجل الوقوف في وجه المتاجرة بهذا المرفق الهام».

«إنها الشراهة نفسها التي ذهب ضحيتها العديد من العقارات والمرافق الأساسية والحساسة، تضيف المعارضة، فقد «بيعت» مدارس عتيقة دون اكتراث بمصير آلاف التلاميذ، المنحدرين غالبا من أوساط فقيرة، الذين كانوا يدرسون في هذه المؤسسات التعليمية، خاصة أنه لم تشيد أي مدرسة في الأحياء المعنية لتحل محل المدارس التي يستولى عليها بهذه الوقاحة، و»بيع» جزء من مدرسة الشرطة وأصبح بإمكان أصحاب الدكاكين والعمارات التي شيدت فيه أن يطلوا من شرفاتهم ونوافذهم على كل ما يدور داخل هذه المؤسسة الأمنية الحساسة، و»بيعت» أرض مجمع «بلوكات» وقيل وقتها أن دفتر الالتزامات يفرض على «المشترين» أن يشيدوا عمارات في ظرف ثلاث سنوات على القطع التى حصلوا عليها، وإلا فإنها ستستعاد منهم، واليوم، وبعد أزيد من سبع سنوات لم تشيد العمارات ولم تسترجع الأراضي، وبقيت الساحة كجرح غائر في قلب العاصمة لا يعمره سوى أشباح العمارتين اللتين فرض على شركة «سنيم» تشييدهما، وكأنهما شواهد على عجز الشركة وفساد النظام». وأضاف البيان «ليست هذه سوى أمثلة من بين أخرى من التلاعب الذي تقوم به السلطة القائمة بممتلكات الدولة، فقد بيعت الثكنات وأجزاء من الملعب الأولمبي وعقارات أخرى في روصو ونواذيبو، في الوقت الذي تفتقر فيه الدولة إلى العقارات حيث يوجد الكثير من مصالحها في أماكن مؤجرة غير لائقة ومبعثرة في جميع أحياء العاصمة، والغريب في الأمر أن المداخيل المحصلة من عمليات «البيع» هذه لا يوجد لها أي أثر في الخزينة العامة».

وختمت المعارضة بينها بإدانة ما أكدت أن «النظام الحالي وصل إليه من تلاعب بكل نفيس وغال على هذا الشعب، وتحويل مدخراته وموارده إلى دكان لا يتنزه صاحبه عن بيع أي شيء».
وفي رسالة حول الموضوع نفسه طالبت الجالية الموريتانية أمس الرئيس الموريتاني بالتراجع عن قرار بيع مقر إقامة السفير الموريتاني في واشنطن».

«إن بيع ممتلكات الدولة لجلب مصلحة أو دفع مضرة، تضيف الجالية، لا يمكن أن يكون محل اعتراض من أي كان، خاصة إذا تبينت المصلحة في ذلك، لكننا نحن كأفراد جالية على وعي تام بما جرى، وكمواطنين نحرص على ممتلكات بلادنا، فإننا نرفض رفضا باتا بيع الإقامة بالطريقة التي حدث بها البيع، خاصة أن بيعها سيكون أبعد شيء عن التبرير من منطلق دعوى البائعين الذين تذرعوا بأن ما تحتاجه البناية من إصلاح وإعادة ترميم يتطلب ثمنا باهظا!! فهل يعقل أن تعجز دولة ما عن ثمن ترميم منزل؟ وإذا كانت عاجزة عن ذلك فإن الخطر المحدق أكبر وأشد!!».

«ولئلا يكون اعتراضنا كلاما من دون مبررات، يقول أفراد الجالية، فإننا نسوق في التالي أدلتنا على خطورة بيع الإقامة، وزهادة ما بيعت به مقابل قيمتها المادية والمعنوية، فموقع الإقامة يعد من أكثر مواقع إقامات السفارات والسفراء إستراتيجية وملائمة في واشنطن لوجوده في قلب المجمع الدبلوماسي في العاصمة، ما يجعل ترميمه والتمسك به أكثر جدوائية من بيعه بثمن زهيد».

«والمقر، تضيف الجالية، يقع على بعد كيلومتر ونصف من البيت الأبيض، وكذا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فضلا عن وزارة الخارجية جهة العلاقة مع السفارة الموريتانية، والمقر قريب أيضا من الكثير من الإدارات الحكومية، وهيئات التمويل والمنظمات الدولية، كما أن بناية إقامة السفير الموريتاني لها قيمة معنوية كبيرة في العاصمة واشنطن حيث تقع قبالة بيت الرئيس الأمريكي الشهير Woodrow Wilson والذي حول بيته إلى متحف أضحى مزارا لأعداد هائلة من الأمريكيين والأجانب، وهو الشيء الذي يساهم بالتعريف بالبلد من خلال رؤية الزوار لعلم بلدنا يرفرف فوق البناية، واسم دولتنا منقوش عليها».

وأكد أفراد أنهم «إتماما لمدى شعورهم بالامتعاض من القرار وإخلاصا منهم في خدمة وطنهم يؤكدون استعدادهم للمساهمة المادية كل حسب طاقته، فيما تحتاجه البناية من ترميم في حال العدول عن القرار ورجوع البناية إلى أملاك الدولة».

mauritaniens-usa