عفوا شهداء الجزائر …

عفوا أحرار الجزائر الحقيقيين… لقد بلغ السيل الزبى ، وفاض كأس المرارة حتى أصبحنا نشك في أنفسنا … إن أحرار الجزائر يتمزقون – اليوم – ألما وتَـتَحَرَّقُ عقولهم  وضمائرهم من شدة تنكيل الأوجاع ، لقد تآكلت الجزائر ، تآكل ماضيها الذي استنزفه لصوص الثورة الجزائرية ، فقد تتلاشى الغُصَّةُ والغبن على ضياع المال ، لكن لن تتلاشى أبدا غصة تآكل رصيد الثورة الجزائرية المجيدة وضياعها على يد لصوص الثورة وأذنابهم من الشياتة ، أولئك الذين يقتاتون على مبادئ الثورة وهم أشد كفرا بها وأكثر عداوة لأبنائها ، إن الحركي الحاكم في الجزائر أشد عداوة للثورة ومبادئها من بني جلدتهم من الفرنسيين ، فأن يضيع الرصيد الثوري التاريخي للجزائر ويتآكل على يد حفنة من اللصوص زرعهم حفدة فرنسا من الحركي الحاكمين فذلك منتهى الذل والهوان وقمة العذاب والآلام … وأخيرا ظهر للجميع أن الحركي الحاكم في الجزائر قد كان يتاجر بمبادئ الثورة الجزائرية في سوق النخاسة الإفريقية ونحن نستمرئ ونتلذذ بما تتبجح به أبواق البروباغاندا الجزائرية من فتوحات إفريقية ودولية مستغلين مرجعية الثورة الجزائرية ومبادئها بكل خسة ونذالة ، واليوم انكشفت عورتهم لأن الأفارقة في منتدى الاستثمار والأعمال الإفريقي قد اكتشفوا ضحالة التفكير الاقتصادي لدى الحركي ، كما اكتشف الأفارقة في هذا المنتدى أنهم وقعوا  بين يدي حفنة من النصابة الفارغة عقولهم من الحاكمين باسم شرعية الثورة الجزائرية المجيدة ، قوم لا يشرفون الجزائر وثورتها أبدا …

أولا : أصبحنا أضحوكة أمام الأفارقة :

ضاعت هيبتنا على الصعيد الإفريقي ، لأننا كنا نبيع الأوهام للأفارقة ، كنا نبيعهم  الكلام الفارغ  ، كلام فقد معناه مع مرور الأيام …كنا نقول لهم بأن الجزائر قبلة للثوار ، ونشتري ذمم الذين لا يؤمنون بذلك بالبترودولار، كنا نأكل من رصيد الثورة الجزائرية ومجد الثوار الذين استرخصوا دماءهم في سبيل تحرير البلاد ، لكن حفدة الجنرال دوغول الحاكمين في الجزائر قد طعنوا الشعب الجزائري بعد ما يسمى ( الاستقلال )  طعنتين : الأولى أنهم سرقوا ثورة الجزائر وثرواتها ، والثانية أنهم استنزفوا تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة وباعوه رخيصا في سوق النخاسة الإفريقي ، كان الأفارقة قبل 50 سنة يثقون في الجزائر لأنها وُلِدَتْ ولادة عسيرة من رحم ثورة مجيدة ، ثورة دموية وَهَبَتْ للشعب بلدا غنيا بما تحمل الأرض من ثروات ، ومنحتهم – وهو الأهم – تاريخا حافلا بالأمجاد ..جلس الحركي من حكام الجزائر على كنزين ثمينين في الجزائر : الأول كنز من ثروات معدنية تحت الأرض ، وكنز الثورة النموذجية في تاريخ البشرية التي تركها لنا شهداء التحرير وهي في نظري أهم من كنوز الدنيا كلها .

استنزفوا الكنز الأول وضاعت منه آلاف الملايير من الدولارات طيلة 54 سنة في النصب والاحتيال والخرافات والتخاريف على الشعب الجزائري وعلى شعوب إفريقيا ، 54 سنة من الضحك على الشعب بواسطة الآلة الجهنمية لإعلام البروباغاندا الكاذبة داخل الجزائر سواء منه ( الإعلام ) المُوَالي للنظام مباشرة أو الذي يَدَّعِي المعارضة الكاذبة التي تُسْمِنُ النظام أكثر مما تؤذيه ( مثل سخافة بوعقبة ومقروط حادة  ) لأن قليلا من السم في الصحافة الجزائرية المحلية هو كالبلسم الشافي من كل الأمراض التي تهدد النظام الجزائري بالانهيار ، هذه الصحافة التي تدعي المعارضة في الجزائر هي التي ستنقل الدماء الملوثة لجزائر المستقبل وأبنائها …

كما استنزفوا الكنز الثاني بالتآمر مع صحافة الخزي والعار ، بل صحافة الذل والاستحمار ، استنزفوا الكنز الثاني وهو الأغلى والأثمن لأنهم باعوا تاريخ الثورة الجزائرية للأفارقة ليقفوا معهم وهم يبيدون الشعب الجزائري ، فلماذا سكتت الدول الإفريقية عن المجازر التي اقترفها عسكر الجزائر في العشرية السوداء ؟ كان الأفارقة يعتبرون أن حكام الجزائر ملائكة يحاربون الشياطين ، سكت الأفارقة لأنهم كانوا يأكلون من دماء الشعب الجزائري ، لقد كان بعض القادة الأفارقة يتقاضون رواتب جارية بدون توقف من خزينة الدولة الجزائرية ليباركوا كل جرائم حكام الجزائر حتى ولو كانت إبادة الشعب الجزائري بكامله .

لقد تآكلت أطروحة جزائر الثورة عند الإفارقة وأصبحنا أضحوكة في نظرهم لأننا لم نستثمر تاريخ الثورة ومبادئها لصالح الشعب الجزائري نفسه أولا فكيف سننفع الأفارقة ؟ وكنا نُـسَـوِّق الأكاذيب للأفارقة باسم الثورة الجزائرية ومبادئها ، وبعد نصف قرن من الأكاذيب على الأفارقة أصبحوا  يشاهدون بأعينهم أن الذي بين يدينا قد تآكل ونحن نعتقد أنه لا يزال موجودا ويحمل مفعولا ، كان حكام الجزائر يخدعون الأفارقة ويحتقرونهم ويستحمرونهم  كما يستحمرون الشعب الجزائري ، لكن أفارقة الأمس الذين ضحك عليهم حكامنا قد تغيروا وهَبَّتْ على إفريقيا نسائم الديمقراطية وجاء جيل إفريقي جديد براغماتي يكره التسول والصدقات والهبات ويناصر من يُعَلِّمُهُ كيف يصطاد السمك لا من يعطيه كل يوم سمكة تحت نظرات الشفقة والإهانات ، في حين لا يزال يحكم الجزائر شيوخ يتاجرون ببقايا ثورة جزائرية تآكلت مبادئها في سوق النخاسة الإفريقية ، وثروة جزائرية تآكلت وتبخرت في المراهنة على قضايا داخلية وخارجية خاسرة مائة بالمائة … لقد أصبحنا أضحوكة الأفارقة !!!!

ثانيا : منتدى الاستثمار والأعمال الإفريقي الذي عرى سوأة الجزائر أمام الأفارقة  :

لقد كان منتدى الاستحمار والأزبال الإفريقي أو منتدى الاستثمار والأعمال الإفريقي تظاهرة ارتجالية بكل معنى الكلمة وتدل على أن الجزائر تعيش عيشة ما قبل اكتشاف النار وأن حكامها ينتمون للعصر الحجري ، كان تنظيم هذا التجمع الصغير والبسيط جدا جدا بل والتافه شكلا ومضمونا ، كان مناسبة  للذين كانوا يرددون من الجزائريين أنفسهم – وهم على حق –  كانوا يقولون : إن الجزائر ليست في مستوى تنظيم ولو تظاهرة رياضية  تجري بين أطفال القرى والمداشير الجزائرية فما بالك بمنتدى إفريقي لأفارقة خبروا ورأوا غيرهم ينظم تظاهرات تحضرها وفود بعشرات الآلاف من كل بقاع الدنيا ( آخرها كوب 22 في مراكش المغربية ومنتدى كرانس مونتانا في مدينة الداخلة في الصحراء المغربية الأول والثاني ، والثالث سيكون ما بين 16 – 21 مارس 2017  المقبل ) هذه التظاهرات التي يوفر لها المغاربة كل ظروف المقام في المستوى الرفيع جدا يتمنى كل سكان الدنيا أن يكونوا من ضيوف المغرب المتقدم جدا على مستوى البنيات التحية لاستضافة ملوك ورؤساء دول العالم وليس بضعة أفارقة ، ومع ذلك سمعنا بوتفليقة يقول ذات يوم بلسانه ودون أن يَرِفَّ له جفنٌ ” إن الجزائر تستطيع أن تنظم 2 كأس العالم ” وكتب لنا الله عمرا حتى رأينا كيف أن دولة الجزائر لم تستطع أن توفر لبضعة أفارقة حضروا لهذه المهزلة ، لم تستطع توفير حتى الطمأنينة وراحة البال لضيوفها في هذه التظاهرة السخيفة حيث قلبوا المنتدى – أمام الضيوف الأفارقة – إلى حمام نسائي للخصام والتنافر فيما بينهم أمام الأفارقة … فهذا غضب من هذا لأنه لم يتكلم قبل الآخر ، وكأنهم سيقولون للأفارقة  الحاضرين كلاما سحريا سينقل إفريقيا في رمشة عين من التخلف إلى النعيم … قَـوْمٌ من أمثال عبد المالك سلال ولعمامرة يكون سكوتهم نعمة وكلامهم نقمة ، كَلامُهُم تَـلَوُّثٌ سمعيٌ ومعانيه تلوث فكري … لقد تطاول حكام الجزائر على أشياء هي أكبر منهم بكثير لأنهم يعيشون آلاف السنوات الضوئية خلف الصومال ، لقد تعرت سوأة حكام الجزائر في هذا المنتدى أمام وفود الأفارقة الذين كان أغلبهم نائما في القاعة لم يعد يؤثر فيهم كلام الستينات والسبعينات من القرن الماضي لأن الحاضرين لا يعرفون سوى كلام الحواسيب والمشاريع المدروسة بعناية قبل الإعلان عنها … مشاريع  استثماراتية لا يتم الإعلان عنها قبل توفير دراسة جدواها لسنوات فيما قبل ، وتوفير التمويل المضمون مائة بالمائة وليس كلام المُهرجين الذين لم يعد يثق بهم أي إفريقي ( ستفعل الجزائر لإفريقيا كذا وكذا وكذا وكذا ) ألم يسمع الأفارقة مثل هذه الخزعبلات  طيلة 54 سنة بدون جدوى ؟.. لقد تعرت سوأة حكام الجزائر أمام الدنيا .. فهل سينفع مع هذا السقوط الحر فقط تغيير الحكومة  ؟

ثالثا : حكام الجزائر يبيعون رصيد الثورة الجزائرية في سوق النخاسة الإفريقي:

كان الأفارقة يحترمون الجزائر بسبب سمعة الثورة الجزائرية ومبادئها وثوار الجزائر وشهدائها … وبعد ما يسمى ( الاستقلال ) استولت شردمة من اللصوص السماسرة على الثورة الجزائرية وسرقت مبادئها بل جعلت منها ( صك تجاري ) وأصبحت تبيع رصيد الثورة  في سوق النخاسة الدنيء ، وكان الضحايا الأوائل هم الأفارقة الذين وثقوا في سماسرة الثورة الجزائرية ولم يدركوا أنهم وقعوا ضحية أكبر عملية نصب واحتيال على يد سماسرة الثورة الجزائرية من حكام الجزائر ( عسكر ومدنيين ) لأن الشعوب الإفريقية لم تتقدم قيد أنملة في زمن ابتلاع شعارات سماسرة الثورة الجزائرية ، بل كانوا يعيشون في دوامة الانقلابات والانقلابات المضادة ، ولم تبدأ إفريقيا في الانتعاش إلا بعدما أدركت أن مصيرها بيدها وأن سماسرة الثورة الجزائرية قد ضحكوا عليهم لأنهم لم ينفعوا الشعب الجزائري نفسه فكيف سينفعون غيرهم من الشعوب ؟

عود على بدء :  

يقف حكام الجزائر اليوم عرايا أمام العالم وإفريقيا خاصة ، لقد ضيَّعوا أموال الشعب في السرقات  والتخاريف والخرافات والبروباغاندا وسياسة المؤامرات ، وفي أصغر تظاهرة مسروقة  من الغير شكلا ومضمونا (منتدى الاستثمار والأعمال الإفريقي ) انكشف مدى القحط الفكري والسياسي الذي يعاني منه حكام الجزائر ، لكن أبشع صورة انكشفت للعالم – وللأفارقة خاصة – أن الأفارقة كانوا مخدوعين في دولة قيل إنها بَنَتْ سياستها الداخلية والخارجية على مبادئ ثورة الفاتح نوفمبر 1954 ، انكشفت الصورة – اليوم – عن سماسرة كانوا يتاجرون بمبادئ ثورة نوفمبر الجزائرية في سوق النخاسة الإفريقية ، اكتشف الأفارقة أن أقنعة كثيرة سقطت عن مجموعة من النصَّابين من حكام الجزائر على مدى 54 سنة كانوا يُسَوِّقُونَ للأفارقة مبادئ جوفاء لم ينفعوا بها الشعب الجزائري نفسه في شيء سوى إغراقه في الكوارث الاقتصادية والاجتماعية بشعارات أُقْبِرَتْ وفقدت معانيها قبل أن يَجِفَّ حِبْرُ التوقيع على وثيقة استقلال الجزائر ، لقد عاش الشعب الجزائري مخدوعا في حكامه السماسرة … سماسرة الثورة الجزائرية الذين جَدُّوا واجتهدوا على تآكلها من الداخل حتى غدت كما قال عبد الرحمان الكواكبي : ” صيحة في واد إن ذهبت اليوم مع الريح فستذهب غدا بالأوتاد “..

إذا تآكلت مبادئ الثورة الجزائرية على يد هؤلاء السماسرة الذين يحكمون الجزائر اليوم ، فأي شرعية بقيت لهم إذا تبخرت وتآكلت مبادئ الثورة الجزائرية على أياديهم ؟

سمير كرم