لا يخرج حادث دفع الجزائر بسوريين نحو الحدود المغربية عن نية مبيتة تتعدى مسألة الحدود المغلقة وتوقف محادثات التطبيع بين البلدين، ولكن تتعداه إلى تداعيات هذا الصراع على مناقشات مجلس الأمن الدولي لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الصحراء. وهذا هو مربط الفرس في التوظيف للقضية الحقوقية والانسانية السورية في أفق تكثيف الضغط على الموقف التفاوض المغربي.
يبدو أن الأمر مخدوما، إذ يأتي متزامنا مع التحرك الفينزويلي على مستوى مجلس الأمن كما لو كانت طرفا مباشرا في نزاع الصحراء، أو دركية مكلفة باحترام حقوق الإنسان في الصحراء. إن الحماسة الفينزويلية تتجاوز إيمانها بمبادئ حقوق الإنسان، لأنه في اللحظة التي تقود فيها هذه التحركات يطلق الرصاص على المعارضة التي تطالب بتوفير الخبز والدواء والغداء للشعب الفينزويلي.
ومما يرجح أيضا وجود تنسيق مخطط له، ذلك أن فرع “هيومان رايتس ووتش” بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا سارع إلى إصدار تقرير حديث سماه بـ”مهزلة إحياء وزارة حقوق الإنسان”، ينتقد وجود وزارة لحقوق الإنسان في المغرب ومجموعة من الهيئات الحكومية لحقوق الإنسان التي تضم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة وسيط” إلا أن المغرب يخنق أنشطة منظمات غير حكومية مستقلة تدافع عن حقوق الإنسان.
من جهة أخرى، فإن الجزائر التي تعيش وضعا داخليا صعبا تضطر معه بين الفينة والأخرى لاختلاق شبه أزمة مع جارها لصرف التركيز الشعبي الداخلي نحو الحدود خارجيا, فضلا عن تهربها من التزامات دولية تخص التعاون الاقليمي لمحاربة الإرهاب، واستمرارها في اغلاق الحدود مع المغرب (وضع خاص في العالم)، وهو أمر يطرح مشكلات أمنية خطيرة. عشية كشف عنه قبل يومين مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية المغربي، عن التحاق حوالي 100 عنصر مسلح من البوليساريو بصفوف تنظيم “داعش” الإرهابي.
وتبقي الجزائر القضايا الحدودية جزء من الصراع الإقليمي مع المغرب، فبدل العمل على تطبيع العلاقات مع المغرب الذي توجه إليها بما أسماه اليد المدودة، إلا أن الجزائر تعمل على رفض فتح الحدود بتسيس النقاش حولها كاشتراطها على المغرب القبول بانفصال الصحراء والتحكم في المخدرات وإغلاق وسائل الإعلام التي تتناول قضايا جزائرية.