صدفة سمعتُ شابا جزائريا يعيش في المنفى يدلي برأيه في مهزلة تشريعيات 2017 في الجزائر حيث قال في مكالمة هاتفية عبر إحدى الشاشات التلفزية مجيبا على سؤال : متى تشارك في الانتخابات الجزائرية ؟ قال : ” حينما ينتهي حكم العسكر في الجزائر ، ليس في الجزائر نظام مدني تعددي ، في الجزائر نظام حاكم بلا شعب ، الجزائر يحكمها جنرالات شيوخ وراء واجهة حزب وحيد منذ 1962 ، والانتخابات التشريعية أو الرئاسية في الجزائر ماهي إلا مهازل مفضوحة يعرفها العالم بأسره ، وحينما يتغير النظام العسكري الحاكم في الجزائر إلى نظام مدني تعددي وتظهر فيه نخبة سياسية شابة واعية يمكن أن أفكر في الانتخاب في الجزائر “…..

 

 لقد استطاع هذا الشاب الجزائري الذي يعيش في المنفى أن يلخص الحالة السياسية المزرية في الجزائر  فهو يفرق بين النظام وكراكيز الحكومة الكذابة . ونحن نقول : بعد انتهاء مهرجان إذلال الشعب الجزائري :” لا تزال قلوب أحرار الجزائر تتحرق على مستقبل البلاد “….مستقبل البلاد يا عباد الله في خطر … مستقبل البلاد يا عباد الله في خطر !!!!

أحرار الجزائر الذين تتحرق قلوبهم على الوطن لن يسكتوا على فضح حقيقة النظام :

بعد انتهاء مهزلة انتخابية أخرى نقول : مرحبا بالشعب الجزائري في نادي كبار الدول المتخلفة والفقيرة أمثال ليبيريا والنيجر وملاوي وإريتيريا وغيرها في شرق الأرض وغربها ، لقد ساهم عدد من الجزائريين مرغمين قهرا في مهزلة تشريعيات الجزائر يوم 4 ماي 2017 لأن هناك فكرة تقول : إن نسبة الذين شاركوا في هذه المهزلة هي النسبة التي تعيش تحت عتبة الفقر ، والتي تقتات من عطايا الريع الغازي والنفطي في الجزائر ولأن السلطة هددتهم مباشرة بقطع الرشوة الاجتماعية عنهم إذا لم يشاركوا في هذه المهزلة الوطنية … وحسب المعلومات الرسمية التي نشرها النظام الحاكم فإن 38.25 %  هو عدد المشاركين في تشريعيات 2017 وهذا يمثل حوالي 9 ملايين مشارك بالنسبة لــ  23.251.503  مسجل في القوائم الانتخابية …يبدو من هذا الإحصاء أن حوالي تسعة ملايين جزائري اعترف بالنظام العسكري الجاثم على صدر الشعب طيلة 55 سنة … لكن وكما يقال وراء كل إحصاء مجموعة من الحيل والألاعيب التي تخفي مصائب لاتعد ولا تحصى ، نذكر منها مثلا أن 9 ملايين مشارك حسب الإحصاء الرسمي المعلن عنه قد نجد الثلث منهم وهو 3 ملايين أدلى بورقة بيضاء التي تعتبر ملغاة  قانونيا لكن آلة التزوير الجهنمية وزعتها على الحزب الوحيد ذي الوجهين الحاكم في البلاد ، وهناك ثلث آخر وهو 3 ملايين أخرى مثلا أظرفة فارغة تعتبر كذلك ملغاة لكن الآلة الجهنمية التي تعبث بهذه الاستحقاقات توزعها كيفما أراد مزاجها … ماذا يبقى ؟ تبقى 3 ملايين هي التي تعترف بالنظام الجاثم على صدر الشعب طيلة 55 سنة  وقد يشكل تصويت الجيش نسبة مهمة منها وهو الذي لا يزال له الحق في التصويت في جزائر دولة العسكر في حين أن الدول المدنية التعددية الديمقراطية تمنع على حملة السلاح أن يشاركوا في أي انتخابات وقد يشاركوا في استفتاءات مصيرية أقول استفتاءات مصيرية ( وليس انتخابات ) أي التي لا تتعلق باختيار أشخاص يمثلون الشعب بل بالاستفتاء مثلا على الدستور أو غيره مما يحدد نظام الحكم العام في البلاد …بهذا التحليل لنسبة المشاركين في مهزلة 4 ماي 2017 نجد أن أقل من 8%  من مجموع عدد سكان الشعب الجزائري هم الذين صوتوا مرغمين لأسباب مفضوحة نذكر منها على الخصوص ما يتعلق بحالة البلاد :

 

هذه النسبة أي 8%  من الشعب الجزائري تعيش من الريع الذي تناله من النظام وليس لهم أي وسيلة للتخلص من هذا الغول الذي اسمه النظام .

*   النظام هو الجيش + أموال سوناطراك إذن لا من يرحمهم من طغيان النظام المستحكم في البلاد .

*   ليس في الجزائر مؤسسات فوق مؤسسة الجيش الذي يفعل بأرواح الشعب ما يريد .

*   ليس في الجزائر مؤسسة رئاسة الدولة ، هناك مؤسسة رئاسة صورية للأنشطة الدبلوماسية مع باقي الدول بمعنى أن الرئيس في الجزائر هو وزير الخارجية الأكبر ، لكنه مع ذلك لا يقرر إلا ما خطط له أسياده من العسكر .

*   النظام يملك أساليب الترهيب والترعيب وعلى رأسها المال ثم وسائل إعلام الصرف الصحي التي تفبرك الأكاذيب وتنشرها عبر وسائلها السمعية البصرية.

*   ليس في الجزائر حكومة بل كراكيز تتحرك من خلال وسائل الإعلام بلا روح ولا قيمة لها لأنها مجرد أبواق للكذب باليقين التام ( الشعب كله يعرف ذلك لكن المصيبة فحتى الوزير يعرف بأن الشعب لا يصدقه ويعيش دور الكذاب بكل إتقان  ويعرف أنه مجرد كركوز في مسرحية الكذابين ) ..فهل رأيتم أذل من ذلك ؟

*   ليس في الجزائر معارضة فعالة وناجعة ، بل ليس في الجزائر معارضة واعدة ولو ببصيص من أمل في التغيير ، كل ما في الأمر أن هناك معارضة رسمية من صناعة النظام …وهناك معارضة أخرى ظهر جليا أنها سرقت ثقة الشعب ذات يوم بالنصب والاحتيال فاستغلها النظام كالدواء المسكن الذي يطيل عمر النظام ، ونجد هذه المعارضة الأخيرة تبحث للنظام عن مبررات استمرار وجوده ، وفي نفس الوقت نجدها  وكأنها تبحث لنفسها عن مبررات ومسوغات وجودها لتنأى بنفسها عن المشاركة في جرائم النظام وزلاته ومهازله وتخاريفه وكأنها تقول لنا ( والله نحن لسنا مع هذا النظام ولكن … ) …

عود على بدء :

بدأنا القول بأن النظام ربح  تشريعيات مهزلة 4 ماي 2017 ليضمن سرقة البلاد قرونا أخرى …فالجزائر دولة غنية على الورق بثرواتها الغازية والنفطية لكن شعبها فقير جدا ويعرف ذلك القاصي والداني بسبب سرقة خيرات البلاد طيلة 55 سنة ، وغدا أي بعد رئاسيات 2019  الشكلية ( الصورية ) سيبقى نفس النظام العسكري حاكما بنفس الواجهة الرئاسية الحالية أي رئيس صوري لا سلطة له ، رئيس يضمن للبلاد مزيدا من التخلف  وبوثيرة أسرع  وبكراكيز ( وزراء أي حكومة ) أسطع من نور الشمس في اختلاق الأكاذيب وبأقبح وجوه الصلف والوقاحة ، والله لن يقبل لنفسه أن يكون وزيرا أي كركوزا في حكومة تحت كرش النظام الجزائري الحاكم حاليا إلا الذين يتمتعون بقدر كبير من الصلف والوقاحة والنذالة والمذلة وانعدام الكرامة…

 

الجزائر دولة لا تنتج خارج الطاقة الأحفورية أي شيء ، الجزائر تستورد كل ما يعيش به الشعب يوميا من الخبز والبطاطا ومسحوق الحليب إلى الدواء وكثرة السلاح … الجزائر دولة يتهرب منها المستثمرون لأن نظامها نظام عسكري غادر لا يؤمن جانبه ( أي هو نظام مزاجي لا أمان له ) وكما هو معلوم فصاحب المال جبان لا يمكن أن يستثمر أمواله في دولة عشش فيها الفساد طيلة 55 سنة ، فمن يحمي أموال المستثمرين ؟ ليس هناك مؤسسات مستقلة عن سلطة الجنرالات الحاكمين في الجزائر وهي سلطة مسلحة بالدبابات والمدافع والصواريخ  ويمكنها بجرة قلم أن تؤمم أرزاق المستثمرين في ثواني خاصة وأن دماء اللصوصية تجري في عروق هذا النظام طيلة 55 سنة ، وإلا أين ذهبت ملايير الملايير من الدولارات التي اكتسبتها الدولة منذ الاستقلال ولا أثر لها على أرض الواقع سوى خردة السلاح الصدئ التي تشتريها من روسيا ؟  …إن دولة تفقد مصداقيتها تبقى فقيرة إلى الأبد ، وما معنى فقدان المصداقية ؟ معناه وبعملية حسابية بسيطة أن الجزائر تكون قد كسبت من ريع الغاز والنفط ملايير الملايير من الدولارات طيلة 55 سنة لكنها ضاعت هباءا منثورا بسبب أن الشعب لا سيادة له على هذه الثروة ولا يستطيع محاسبة اللصوص الذين سرقوها نهارا جهارا ، أضف إلى ذلك أن الذين بين يديهم  هذه الثروة يملكون السلاح الفتاك ليدافعوا به عن فلسفتهم  في اللصوصية التي لها ألف وجه ووجه ومنها سلطة تأميم أي سنتيم دخل الجزائر من الخارج … هذا هو مستقبل الجزائر المخيف والذي من أجله تتحرق قلوب أحرار الجزائر الحقيقيين وليس دعاة المعارضة الحنجورية التي يصب ماؤها في طاحونة النظام الفاسد … بالمناسبة لا نقصد المعارضة الرسمية بل المعارضة التي سرقت ثقة الشعب – في غفلة منه – ذات يوم بالنصب والاحتيال فاستغلها النظام كالدواء المسكن الذي يطيل عمر النظام ، وخطورة هذه المعارضة الأخيرة هي أنها مثل الدماء الملوثة التي ستنتقل إلى الأجيال اللاحقة وستبقى الجزائر هكذا إلى يوم القيامة … فكم ستحتاج الجزائر من عشرات السنين لتمحو هذه الصورة التي حفرها النظام الجزائري في أذهان البشرية جمعاء وفي كل أنحاء العالم … وكم من بوتفليقة ومن عبد المالك سلال ورمطان لعمامرة بل كم من عبد القادر مساهل وكم من لوح  يا لوح …وكم وكم وكم  من عصابات الكذابين والأفاكين من الذين يقلبون الحقائق بكل صلف وبجاحة ووقاحة وعيون جاحظة ممتلئة بالتحدي والخسة والدناءة …كم ستحتاج الجزائر من عشرات السنين لتمحو هذه الصورة البئيسة جدا جدا ….

 

فماذا أنت فاعل يا بوتفليقة عندما تلقى وجه رب العالمين ؟

وكل تشريعيات ، وكل رئاسيات وأنتم بألف غفلة وغفلة .

 

 

سمير كرم خاص