أثار إلغاء زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اللحظة الأخيرة إلى الجزائر الإثنين تساؤلات جديدة حول صحة السلطان عبد العزيز بوتفليقة.هاته الزيارة المهمة التي كانت فُرصَةً للنظام العسكري الحركي الحاكم لإظهارِ بأن شبحَ السلطان بوتفليقة الوجدي لازال حاضرا ويقوم بمهامه الكاملة كما كانت فرصة لإظهار شبح السلطان للشعب الجزائري بضعَ ثواني في التلفاز وهو يحرك يديه لتناول كأس قهوة دون أن يسمع مَأْمَأَتَه الغير المفهومة كعلامة على وجوده بكامل قواه العقلية والصحية.

لكن رغم أهمية هاته الزيارة خاصة بعد إنتكاسات الجزائر الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وخاصة أن الجزائر المفلسة تبحث عن إستثمارات خارجية بها بعد عزوف وهروب الشركات الأجنبية النفطية الوحيدة منها بسبب عدم توفر الأمن ومناخ الإستثمار بها.دون أن ننسى بأنها تسابق الريح لجلب شركات أجنبية لصناعة السيارات لمنافسة المغرب (عدوها اللذوذ) .

وأعلنت الرئاسة الجزائرية الإثنين إرجاء زيارة ميركل التي كانت مرتقبة منذ أشهر بسبب التعذر المؤقت للرئيس بوتفليقة لإستقبالها بسبب إصابته بـ”التهاب حاد للشعب الهوائية”.

كما عنونت صحيفة “ليبرتي” الناطقة بالفرنسية في عددها الصادر الثلاثاء، “من الذهن المتقد إلى التعذر المؤقت”.

وكتبت الصحيفة في تعليقها إن السلطات الجزائرية “كانت تأمل أن تسمع من المستشارة الألمانية أيضا عبارة أن بوتفليقة لديه ذهن متقد كما قال عنه فرنسوا هولاند”.

وكان الرئيس الفرنسي التقى بوتفليقة في 15 يونيو/حزيران بالجزائر وصرح عقب اللقاء أن “الرئيس بوتفليقة أعطاني انطباعا بان لديه قدرة ذهنية عالية حتى انه من النادر أن تلتقي رئيس دولة لديه هذا الذهن المتقد، هذه القدرة على الحكم”.

وبالنسبة للصحيفة فإن “بوتفليقة لم يكن في حالة تسمح له بلقاء ضيف أجنبي وأكثر من ذلك لم يكن في حالة يظهر بها للعلن”.

وأعيد إنتخاب بوتفليقة الذي سيبلغ عامه الثمانين في الثاني مارس، رئيسا (سلطانا) للمرة الرابعة في أبريل 2014 من دون أن يتمكن شخصيا من المشاركة في حملته الإنتخابية نتيجة إصابته بجلطة أقعدته على كرسي متحرك وأضعفت قدرته على الكلام.

وقليلا ما يغادر الرئيس الجزائري إقامته في زرالدة بالضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية وهناك يستقبل ضيوفه الأجانب.

أما صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية فأشارت إلى أنه قبل إعلان إلغاء الزيارة “كل التحضيرات كانت تجري بشكل عادي من تبييض الجدران وإزالة المهملات من الطريق الذي كان يفترض أن تمر منه المسؤولة الألمانية”.
في الانتظار

وإعتبر المحلل السياسي رشيد قرين انه “إذا رأيناه في الأيام القادمة فهذا يعني انه كان يعاني من تعب مفاجئ ولا شيء يدعو للقلق، أما إذا لم يظهر خلال 15 يوما فهذا يعني أن حالته تعقدت”.

وتابع “كل شيء يتعلق بالمدة، فإذا لم يظهر بعد أسبوعين فتفسير ذلك انه نقل إلى الخارج للعلاج لتغيير بطارياته بفرنسا”.

وأضاف هذا المحلل “إذا رأينا الفاعلين الرئيسيين مثل قائد أركان الجيش وزعماء حزبي جبهة التحرير (حزب الرئيس) والتجمع الوطني الديمقراطي (المساند للرئيس) يتداولون على أخذ الكلمة فهذا يعني أنهم يحضرون لما بعد بوتفليقة”.

وأقر قرين بان الجميع “في مرحلة الانتظار وكل ما نقوله مجرد تكهنات”.

ومن جهته أشار المختص في علم الاجتماع ناصر جابي إلى “ضرورة الانتظار لنرى إن كان الأمر يمس حتى النشاطات العادية التي يفترض أن يقوم بها، ولا يستطيع؟”

وذكرت صحيفة “لوسوار دالجيري” أن بوتفليقة إلتقى رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس في نيسان/ابريل 2016 “رغم أنه كان متعبا جدا” وظهر ذلك في الصورة التي نشرها المسؤول الفرنسي على حسابه في توي.
وتساءلت الصحيفة الناطقة بالفرنسية إن لم يكن ذلك هو السبب “الذي دفع محيط الرئيس إلى عدم إرتكاب نفس الخطأ وتقديم الرئيس في صورة الرجل المريض العاجز والغائب”.

ومنذ الجلطة التي أصابته في 2013 لا يتوانى معارضو بوتفليقة عن الحديث عن “شغور منصب الرئيس” ويطالبون بتطبيق الدستور لإعلان انتخابات رئاسية مسبقة.

ألمانيا ليست هي فرنسا “الأم” صانعة النظام الحركي الجزائري المفلس التي تتستر عليه:

إن كان إعلام الإستحمار الجزائري الرسمي لم يذكر الأسباب الحقيقية لإلغاء هاته الزيارة المهمة لغسل وجه النظام الحركي البشِع فإنه بإلغاء هاته الزيارة يكون قد زاد الطين بلة وأضاف فضيحة أخرى لفضائحه المتتالية.النظام الفاشل أراد أن يجنب نفسه فضيحة أهْوَلَ من فضيحة زيارة رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس في أبريل 2016 “رغم أن السلطان بوتفليقة كان حاضرا وهو عبارة عن شبح فوق كرسي حرك يده لحظة ولم يستطيع تحريك حتى عينيه التي أعمتها آلات التصوير.

أحمد الصالحي بوسكة

 

Bewaren