هل هناك مذلة أكبر من هاته وابراهيم غالي وبطانته يحدثون فوضى بمنطقة الكركرات على مقاسهم الخاص ظاهرها سياسي و باطنها تجاري ؟

 

كان جالسا بين الجموع، مستسلما، و قد ربطت قدماه بلحاف أسود سواد القلوب، و حوله تحلق بني جلدته كي يهينوه و يهينوا معه كل تاريخ الشعب الصحراوي، و قد وضع في عنقه حبل يجر به كما تجر الشاة… هذا الوضع الذي لم أجد له شرحا غير أن الشباب بالمخيمات بلغ بهم اليأس ما لم تبلغه أمة من قبلهم..

حين رأيت الصورة استنكرت الأمر و ضغطت على قلبي و أنا أقول ما دامت هذه الفضيحة بيننا فلا يضر القوم أمر هم أهله…  أحسست بالخزي و العار، و تمنيت -دون إدراك- أن أحاكم جميع الصحراوين بالمخيمات، لما ألحقوه بكرامة و سمعة و تاريخ الرجل الصحراوي من عار.

أما القيادة التي ألفنا منها الحياد السلبي، و المواقف الحمقاء، و الإفتاء في قضايا لا صلة بينها و بين القضية، فهي من تتحمل مسؤولية الفوضى التي تصيب المخيمات، لأن الشاب الصحراوي الذي يربط كالبعير بعد أن ضبط متلبسا في وضع سرقة، لم يمد يده إلى ما لا يملكه إلا بعد أن أصيب بحالة يأس متقدمة، بل الأكثر من هذا فالإحصائيات التي تصدرها المنظمات الدولية عن الشعوب الأكثر بؤسا في العالم تضع الشعب الصحراوي خلف “بورما”، بمعنى أن الشعب البورمي على الرغم من التقتيل الذي يعانيه و الاضطهاد فهم أفضل حال منا و بكثير.

و هنا نضع الأصبع على الجراح، ليس لنكأها بل لجعل القيادة تستشعر فداحة ما تقوم به ضد الشعب الصحراوي، بعد ما تفرّغ “ابراهيم غالي” لمراقبة المصالح التجارية لبطانته عبر منطقة الكركرات التي أحدث فيها فوضى على مقاسه الخاص بسبب تجارة السلاح والمخدرات تحت حماية جنرال المنطقة الثالتة سعيد شنقريحة رئيس جمهورية البلطجية بقندهار الإفريقية من تجارة السلاح القادم من ليبيا الى تجارة المخدرات الصلبة القادمة من أمريكا اللاتينية ، ظاهرها سياسي و باطنها تجاري، و الدليل على هذا الأمر النشاط الذي أصبحت عليه تجارة المخدرات داخل المخيمات بعد أن كانت قد توقفت، و لا نريد الدخول في التفاصيل التي يعلمها البعيد قبل القريب.

لا يهمنا  ما تقترفه القيادة من جرائم، بل ما يحزنني اليوم هو حالة اليأس و انسداد الأفق الذي يعانيه الشعب الصحراوي داخل المخيمات، و المصيبة العظمى أن حدث إذلال ذلك المواطن الصحراوي يعتبر هدية مجانية للمنظمات الحقوقية الدولية .

لم يسبق للإنسان الصحراوي-هذا الكريم المهان- أن بلغت به المأساة إلى درجة السرقة و لم يسبق للصحراويين أن أذلوا بعضهم البعض قبل هذه الصورة، ذلك أن القيادة الحالية التي زرعت بذور التشرذم من خلال ترسيخ نعرات القبلية و هواجس الإثنية و الجميع يعلم أنها مقوضات إنشاء الوطن، لا تزال تزكي هذه الممارسات بل و تدعهما سياسيا من خلال التفضيل بين مكونات المجتمع و منح صفات المواطنة الكاملة حسب هواها في تراتبية عجيبة للقبلية.

و لأن موضوع الصورة أكبر من أن نجمله في مجرد مقال لأن نقاشه سيحيلنا على الطابوهات المسكوت عنها و التي تخيف قيادتنا كثيرا، فإننا سنكتفي بالقول على أن القيادة جعلت الشعب الصحراوي يصل إلى مستوى غير مقبول من اليأس و أن هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه بالنظر إلى الوضع الذي أصبح عليه الإنسان الصحراوي، خصوصا و أن الصورة رافقها تسجيل صوتي لفتاة من المخيمات تبرر امتهان كرامة ذلك المواطن الصحراوي و تمنح الحق الكامل للفوضى و يد العبث للحكم عليه و إطلاق الأحكام دون اللجوء إلى المؤسسات… التي هي في الأصل غير موجودة…

ح.و.ب.ح = مُحتَجَز بتندوف