فليذهب  حق الشعب في معرفة الحقيقة  إلى الجحيم ،   حتى لو كانت  هذه الحقيقة بسيطة جدا،  الشعب الجزائري  يتلقى الأخبار حول أهم مؤسسة في الدولة  بـ  ” القطرة  “،  والدليل   هو ما حدث في نشرة أخبار الثامنة مساء  أمس  الأحد ، عندما تفضلت السلطة  بتقديم دليل حول وجود الرئيس في صحة  جيدة وممارسته لمهامه .

 التاريخ  سيكتب  هذه الوقائع الأجيال القادمة  ستعتبر الجيل الحالي من الجزائريين جيلا تعبس  الحظ جيلا عاش  هذا العصر الاستثنائي  الغريب ،  التاريخ ايضا  سيقول  الحقيقة  التي  يحاول انصار السلطة اخفائها،  التاريخ  سيؤكد ايضا  من الكاذب  ومن الصادق ، حول موضوع  الفراغ الذي تعيشه الجزائر في أهم منصب  وأهم مؤسسة من مؤسسات الدولة.          

  سيعيش الجزائريون  خلال الاشهر أو ربما السنتين  المتبقيتين من عمر العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة ، نفس السيناريو الذي عايشوه في الشهرين الأخيرين، غياب طولي للرئيس تنتشر خلاله الاشاعات  ،  ثم عودة  الرئيس  للظهور في فيلم تسجيلي  صامت  لا تزيد مدته عن دقائق اقل من 5 لإثبات أنه يعمل ويمارس مهامه، أو ربما استقبال قصير لضيف أجنبي  يتم انتقاءه   بعناية،  المسلسل  سيتواصل كما أن تسيير البلاد  من اشخاص غير  ذوي  صفة قانونية ودستورية سيتواصل ، في ظل  الفراغ الموجود، الذي يبرره عدد من المشتركين في  هذا الخرق  الخطير للدستور،  دون ان يقدم أي منهم دليلا  قاطعا .

ظهر  رئيس  الجمهورية  الجزائرية  عبد العزيز بوتفليقة امس الأحد في نشرة  أخبار الثامنة على التلفزيون الرسمي،  وهو يستقبل  وزير الشؤون المغاربية  والجامعة العربية  و الاتحاد الافريقي،  في  مشهد صامت  تواصل لأقل من دقيقتين، ولا يوجد دليل   على أن  التسجيل  هو في نفس اليوم  ، أو في  تاريخ قريب،  إلا أن الظاهر هو أن  الاستقبال يكون قد تم  في  يوم الأحد  الماضي،  حيث   أكد الوزير الأول  عبد المالك سلال  أن الرئيس  سيعود  إلى ممارسة مهامه  بشكل عادي قريبا بعد  عارض  صحي اصابه  في نهاية   شهر  فبراير شباط،  الاستقبال الرئاسي  جاء  في موعد مهم  حيث  نشرت  عشرات الصحف  والمواقع الالكترونية  الدولية تقارير حول تدهور الوضع الصحي للرئيس، وباتت السلطة في وضع محرج  خارجيا.

 أن يغيب  رئيس دولة عن موقعه  فهذا أمر عادي  و أن  يمرض الرئيس فالمرض  عرض  يصيب  كافة البشر، لكن  غير العادي  هو الطريقة التي تدير بها  السلطة القائمة  هذا الملف  بالغ الخطورة، السلطة تتعامل مع الملف بطريقة مفادها  أن  الشعب الجزائري   هو آخر من يعلم،  الشعب  لا يجب أن يعلم، في  دولة تعيش  عصر تكنولوجيا المعلومات يتم تقديم  الرجل الأول والأهم في البلاد  في مشاهد  لا تزيد مدتها  عن دقيقتين أو ثلاثة،  مشاهد صامتة.             

 أما الصحافة  الجزائرية الموالية أو المستقلة  فقد  تعاملت  مع مرض  الرئيس  وغيابه الذي تواصل  شهرين تقريبا، بلا مبالاة غريبة، وكأن  الأمر يتعلق   برئيس دولة ثانية،  الصحفيون الجزائريون أكدوا هذه المرة أن سياسة التضييق  والقمع  البوليسية التي تعرض لها الصحفيون أعوام  2014و2015  و 2016   أتت أكلها ، الصحفيون  لا يعلمون شيئا حول مرض وغياب الرئيس، ومن غير المسموح لهم  بأن يعرفوا ،  وان عرف  احدهم شيئا  فلا يجب أن يبوح به ، لأن  نفرا قليل  من المسؤولين فقط  هم من يعرف حقيقة وضع الرئيس بوتفليقة،  ولا  يجرؤ أحد على  توجيه السؤال  حول  حقيقة وضع  الرجل الأول  في الدولة.  

عبد الحفيظ العز

Bewaren