كالعادة، تتواصل متاعب السلطة الجزائرية في مجال صورتها الدولية كدولة تتجه يوما بعد آخر نحو المزيد من التضييق على الحريات العامة ، وبالرغم من أن أطرافا في السلطة ترى أن آخر ما تفكر فيه الدول الغربية هو ملف حقوق الانسان، فإن السلطة الجزائرية تفقد في كل يوم تقريبا حلفا مهما بسبب سوء تسيير ملف الحريات العامة.

 

وبينما يفضل بعض الوطنيين الجزائريين الدفاع عن الدولة من منظور أن الخلاف مع السلطة القائمة لا يبرر التعاون مع الأجنبي، يجد وطنيون آخرون أنفسهم في حرج بالغ وشديد، فمن جهة يواجهون آلة قمع غير مسبوقة ترفض الاعتراف بأي رأي مغاير ومختلف وتتزمت في الانفراد بالراي وفي تسفيه كل معارض ، ومن جهة أخرة يرغبون فعلا في الحفاظ على الوطن .

 

قبل عدة اشهر تعالت اصوات في البرلمان الفرنسي منددة بوضع سجين متهم في قضية أعمال عنف طائفية وهو في نفس الوقت زعيم سياسي من الجنوب الجزائري ، وفي الاشهر الأخيرة لا يكاد يمر اسبوع دون ان يشير مقال صحفي في صحيفة غربية رصينة إلى الحالة السيئة التي وصلت اليها الجزائر في مجال الديمقراطية واحترام الحريات العامة والخاصة بشكل خاص حرية التعبير ، ولا يبدوا أن متاعب السلطة ستنتهي قريبا، مع تزايد الاصوات المنددة بحالة حرية التعبير وحقوق الانسان، خاصة مع وجود قرار بالمضي في مشروع سياسي مشوه حتى النهاية ودون اي اعتبار للشركاء السياسيين في الوطن، وقد هاجم عضو البرلمان الأوروبي ” اورماس بايت ” السلطة في الجزائر وطلب الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغط عليها من أجل احترام حقوق الانسان .

ويقول هنا الصحفي الفرنسي البارز “باتريك زولك” عضو منظمة مراسلين بلا حدود وصحفي زار الجزائر أكثر من 10 مرات : ” في الواقع لا يمكن الجزم بأن السلطة الجزائرية تنتهك حقوق الانسان، لأن هذا يعد تجني خطير مخالف للواقع، ما يحدث في الجزائر هو تضييق مبرمج على الحريات لكن دون ممارسة انتهاك واضح لحقوق الانسان، عبر تطبيق تعسفي لقوانين موجودة ” .
وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد أكدت في عدة مناسبات موقفها الرافض للتضييق على حرية التعبير .

 

وفي الجانب الثاني يرفض عدد كبير من الناشطين الجزائريين الوضع الحالي ويعتبرون أن الجزائر تتراجع في كل يوم في مجال الحريات العامة والخاصة ، لكنهم يرفضون بالمقابل اي تدخل خارجي في الشأن الداخلي وقد أثار تصريح النائب الأوروبي “أورماس بايت”، الذي تهجم على سيادة الجزائر ، حفيظة المكتب الإقليمي بالجزائر للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة المتكون من المطبلين وخدام النظام الجزائري الفاشل، وفتح المكتب النار على النائب ووصف تصريح الأخير بـ “المتطرف”.

 

وق أدان هذا المكتب الإقليمي (الجزائري)، في بيان له، تصريحات النائب الأوروبي” أورماس بايت” ، متهما إياها بانتهاك حقوق الإنسان ودعوته لممثلة الإتحاد الأوروبي بممارسة ضغوط على السلطات الجزائرية مقابل منح المساعدات، وعبرت المنظمة الدولية عن قلقها الشديد جراء تصريحات النائب الأوروبي.
وندد بيان “خدام نظام الجزائر” بهذا التصريح الذي وصفته بـ”المتطرف” والتطاول على سيادة الجزائر خاصة وأنه لا يجوز استغلال المساعدات المالية المقدمة للجزائر المفلسة من أجل تدجين مكانتها والتقليل من دورها في الساحة الدولية، وثمن في ذات السياق (الجهود ) التي تبذلها الجزائر في تحسين حقوق الإنسان و تعزيزها”، وأبرز البيان بأن الجزائر “الديكتاتورية المشلولة” تعمل على التعاون مع جميع الآليات الدولية و الإقليمية، وملتزمة بجميع المواثيق الدولية التي انضمت إليها، وتدعو إلى العمل المشترك من أجل حماية حقوق الإنسان بعيدا عن استغلالها وتسييسها”.

 

وأشار مصدر المطبلين، إلى انه “وانطلاقا من قناعتنا الراسخة في ضرورة النضال المستمر من أجل الدفاع عن الوطن و المواطن، وانسجاما مع كل المواثيق الدولية، فإننا ندعو كافة مؤسسات المجتمع المدني و كافة التيارات السياسية للوقوف بحزم واستنكار هذا التعدي والتطاول الصارخ على سيادة الجزائر” التي أصبحت سمعتها في الحضيض عالميا.

كما أكد المكتب الإقليمي بالجزائر للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة، انه “في ظل الاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية “المهزلة “يوم 04 ماي لن نسمح بالمساس بهذا الاستحقاق وسنتصدى لكل محاولة التشويش التي ظهرت معالمها”، وأوضح المكتب إنه “يتوجب على كل الشرفاء في الجزائر أن يتركوا التجاذبات السياسية والخلافات و يلتفوا حول الوطن، ويقفوا صفا واحدا و يدا بيد للوقوف في وجه كل من تسول له نفسه التطاول على الجزائر المفضوحة ” وسيادتها”، ودعا السلطات الجزائرية بأن تستمر في التحضيرات لإنجاح الاستحقاق الانتخابي، وأن لا تكترث لأبواق الفتنة وأن تسعى إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة.