ضربة حقوقية دولية قاسية تلقتها جبهة البوليساريو الانفصالية، حين حملتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” مسؤولية احتجاز ثلاث نساء صحراويات يحملن الجنسية الإسبانية، ويتوفرن على الإقامة القانونية فوق تراب الجارة الشمالية للمغرب، إذ شددت المنظمة الحقوقية، التي يوجد مقرها بنيويورك الأمريكية، على أن هذه الحالات تدعو إلى مساءلة التزامات الجبهة “بحقوق النساء”.

وانطلقت “هيومن راتيس ووتش”، في تقرير حقوقي تتوفر هسبريس على نسخة منه، من حالة المواطنة الإسبانية من أصول صحراوية المعلومة موراليس دي ماتوس، التي تحتفظ باسم “المعلومة تقية حمدة”، وفقا لشهادة ميلادها، والتي قالت إنها محتجزة في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر طيلة عام كامل، موضحة أن أسرة الشابة “ادّعت أنها تريد البقاء معها..لكن موراليس تعيش في منزل أسرتها منذ 12 دجنبر 2015 دون أن تتمكن من الوصول إلى مكان محايد للتعبير عن رغباتها بدون ضغط من أحد”.

وقالت المنظمة ذاتها إن البوليساريو قدمت في السابق ضمانات مرارا بأنها تعمل على حل قضية الشابة ذات 23 ربيعا، معتبرة أنه يجب النظر إلى تلك الضمانات “على ضوء فشلها (البوليساريو) بإنهاء حالات مشابهة على الأقل لامرأتين صحراويتين راشدتين لديهما إقامة قانونية في إسبانيا، تمنعهما أسرتهما من الرحيل منذ نحو 3 سنوات”، ويتعلق الأمر بكل من الشابة الدرجة أمبارك سلمى (27 عاما) ونجيبة محمد بلقاسم (25 عاما)، على أن “كلتيهما أكدتا مؤخرا لـهيومن رايتس ووتش رغبتهما في العودة إلى إسبانيا في الحال”.

طريقة تعامل جبهة “البوليساريو” مع الحالة الأولى، دفعت “راتيس ووتش” إلى القول إن التنظيم الانفصالي تنقصه حتى الآن القدرة أو الإرادة السياسية “لضمان حرية هذه المرأة الراشدة باختيار الرحيل أو البقاء”، إذ قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في HRW: “يجب احترام العادات والثقافة، لكن ليس عندما تتيح لعائلة احتجاز امرأة راشدة ضد إرادتها”، معتبرة أن عدم فعالية البوليساريو في هكذا حالات “تدعو إلى مساءلة التزامها المعلن بحقوق مساوية للنساء”.

وذكر التقرير الحقوقي ذاته بالزيارة المثيرة للجدل التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الخامس من مارس الماضي، إلى مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، موضحة أن المسؤول الأممي أثار ملف النساء المحتجزات الثلاث بشكل مباشر في لقاء جمعه بالأمين العام للجبهة وقتها، محمد عبد العزيز، الذي توفي بعدها بأسابيع، يوم 31 ماي 2016.

وتابع المصدر ذاته بأنه حين كان إبراهيم غالي، الأمين العام الحالي للبوليساريو، مازال يشغل منصب “سفير الجبهة” في الجزائر، تكلم إلى منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أكتوبر من العام 2014 عن قضية امرأة تحتجزها عائلتها ضد رغبتها، مضيفة أن المسؤول الانفصالي قال وقتها “إن الهدف هو ممارسة المرأة خيارها في هذه المسألة..لكن المجتمع الأبوي الصحراوي وتقاليده وثقافته والروابط الأسرية المعقدة تتطلب منهم التعامل مع المسألة بحذر”.

وتنضاف قضية الشابات الصحراويات الثلاث “المعلومة تقية حمدة” و”الدرجة أمبارك سلمى” و”نجيبة محمد بلقاسم” ، إلى عشرات النساء الصحراويات المحتجزات، اللائي يقارب عددهن 200 محتجزة، حسب تقارير صحافية إسبانية، مثلما نشرت صحيفة “إلموندو”، التي قالت إن ما لا يقل عن 150 من الشابات الصحراويات، وبعضهن يحملن الجنسية الإسبانية، مازلن محتجزات قسرا بمخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر.

وأشار تقرير الصحيفة الإسبانية واسعة الانتشار إلى أن الشابات غادرن المخيمات قصد الدراسة في إسبانيا، حيث قضين أزيد من نصف عمرهن هناك، “قبل أن يقررن في يوم من الأيام زيارة أهاليهن، لكنهن لم يعدن أبدا إلى إسبانيا”، فيما تشدد الصحيفة ذاتها على أن حالات الشابات المحتجزات في تندوف والحاملات للجنسية الإسبانية أثارت موجة من التضامن بالبلد الأوروبي، عبر جمع عشرات الآلاف من التوقيعات الإلكترونية وإحداث صفحات خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بالإفراج عنهن.

المصدر:هسبريس