لابد من الاعتراف بأن الآلة الدعائية لخصوم المغرب قد أثرت بشكل واضح في العديد من وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات غير الحكومية الدولية المؤثرة في ملف أحداث «إكديم إيزيك» بالعيون، كما حققت اختراقا داخل المغرب عبر المواقف المعبر عنها من قبل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لدرجة أن تصريحات وبيانات الانفصاليين والهيئات التي تدعمهم لا تخلو من إشارات الشكر والتنويه بالموقف الداعم لهذه الجمعية لمن تعتبرهم «معتقلين سياسيين» أو «مدافعين عن حقوق الإنسان»، في إشارة إلى المعتقلين 21 المدانين من قبل المحكمة العسكرية في 17 فبراير 2013 بتهمة القتل العمد والمشاركة فيه تخطيطا أو تنفيذا والمؤدي إلى وفاة 11 من عناصر القوات العمومية. مع توالي الحملات الدعائية المساندة للانفصاليين وتواري الاهتمام بالضحايا الحقيقيين الذين تم اغتيالهم بدم بارد تحول الأمر إلى نوع من قلب للحقائق، أصبحت صور المعتقلين تروج إعلاميا كضحايا تمت محاكمتهم وإدانتهم فقط لأنهم «يدافعون عن حق تقرير المصير»، واتهموا وحوكموا أمام محكمة عسكرية «بدون أي ضمانات»، وذلك في تجاهل تام للطابع الجنائي للموضوع ودون التوقف لطرح أسئلة ربما تبدو بديهية.

كيف انتهت عملية تفكيك مخيم «اكديم إيزيك» المفترض أنه مؤطر من قبل عناصر تقول إنها اختارت «السلمية»، بهذه الحصيلة الدموية في صفوف القوات العمومية؟ لماذا تهرب مؤطرو المخيم من مسؤوليتهم في ما حدث؟ علما أنهم وضعوا مخططا «شبه عسكري» مكنهم من التحكم في كل ما يحدث بالمخيم وبتنسيق وثيق مع القيادة الإنفصالية؟

هل من المنطقي أن تسفر عملية تفكيك مخيم «سلمي» عن مقتل 11 عنصرا من الأمن؟ إذا لم تكن العملية قد سبقها تخطيط مسبق لمباغتة هذه القوات، وهو الأمر الذي أكدته الصور والفيديوهات والمعطيات التي تم الكشف عنها أمام المحكمة العسكرية من قبل ممثل النيابة العامة العسكرية.

لفهم حقيقة ما جرى وإعادة الاعتبار للضحايا الحقيقيين نعيد فتح ملف أحداث «إكديم  إيزيك».

 

المحاكمة: دفاع يساير رغبة موكليه في السعي لتسييس الملف

سجل الكتاب الأبيض أن تسيير جلسات المحكمة كان عاديا وسليما على وجه العموم، حيث أتيحت فرصة كافية للمتهمين ودفاعهم لبسط ما يرونه مناسبا وتقبلت المحكمة برحابة صدر جميع الملاحظات التي قدمت لها بخصوص تسيير الجلسة. وأضاف أن المحكمة أبدت اهتماما لائقا بحالة بعض المتهمين الصحية والمعنوية، حيث أمرت بعلاج البعض ونقل البعض الآخر للراحة ورفعت الجلسة استجابة لثلاثة متهمين عبروا عن شعورهم بالتعب. ومن جهة أخرى فقد قدمت المحكمة ما يكفي من التسهيلات للملاحظين ومتابعي المحاكمة.

وذكر الكتاب الأبيض أن المحكمة أتاحت للمتهمين أن يعبروا بطريقتهم عن علاقتهم بالأحداث غير أنهم كانوا يستفيضون في التعبير عن مواقفهم الشيء الذي كان يضطر المحكمة إلى تذكيرهم بين الفينة والأخرى بموضوع النازلة وبالأفعال المنسوبة إليهم في نطاق الدعوى العمومية الجارية.

وعن ادعاءات المتهمين بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وطلب إجراء خبرة من قبل المحكمة، رد ممثل النيابة العامة أن هذا الطلب قد جاء متأخرا عن أوانه ما دام المتهمون لم يصرحوا، عند مثولهم أمام قاضي التحقيق في إطار الاستنطاقين الابتدائي والتفصيلي، بتعرضهم لأي تعذيب ولم يطالبوا بإجراء أية خبرة طبية علما بأنهم كانوا مؤازرين وقتذاك بمحامين، وأنهم لم يبادروا باستئناف قرار الإحالة، علما أنهم بلغوا به بطريقة قانونية.

الاقتصار في الملتمسات على «إيقاع العقاب الملائم» بالمتهمين، دون التماس تشديد العقوبة، ودون تحديد أية عقوبة بل ودون الإشارة إلى الفصول التي تنص عليها بارتباط مع الأفعال التي يلتمس الإدانة من أجلها.

أما دفاع المتهمين، فقد ركز على الدفع بعدم المحكمة العسكرية لكونها محكمة استثنائية، غير أن هذا الدفع لم يسند بوسائل إقناع كافية ومنسجمة وراقية من قبيل ضرورة مواجهة الضحايا والتي تستلزم فتح الباب أمامهم لينتصبوا مطالبين بالحق المدني، وهو الأمر الذي لا يسمح به نظام المحكمة العسكرية، ومن قبيل أهمية تعدد درجات التقاضي وأهمية إصدار اجتهاد قضائي استباقي في السياق الحالي الدقيق. أما هيأة الدفاع فقد ركزت على انتفاء حالة التلبس، وعدم وجود أدلة قاطعة وكافية على ارتكاب المتهمين للأفعال المنسوبة إليهم، فضلا عن طبيعة المحجوزات وعددها ونوعها، وعدم ربطها بمتهمين بعينهم.

ولاحظ التقرير أن الدفاع لم يثر بطلان محاضر الضابطة القضائية، ولم يسنده بمقتضيات قانونية دقيقة أو يربطه بالوقائع والوثائق، ولم يناقش بعمق إجراءات التحقيق ولا قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق. كما أن الدفاع شرع، منذ الجلسة الأولى، في تقديم طلبات وملتمسات متعددة من دون أن يدفع بعدم الاختصاص، منذ البداية، حسب ما ينص عليه قانون العدل العسكري. وهذا معناه أن الدفاع فوت على المعتقلين فرصة إقناع هيئة المحكمة بقبول دفعهم المبدئي هذا.

غير أن الملاحظة الأبرز التي سجلها الكتاب الأبيض على الدفاع هو سقوط مرافعة الدفاع في الدفع السياسي من قبيل التركيز على الخلفية السياسية المزعومة للاعتقال والمتابعة أصلا والمحاكمة في حد ذاتها (اعتبار الاعتقال والمحاكمة تصفية حساب مع ناشطين سياسيين(، دون العمل على تفكيك قرار الإحالة ودفوعات النيابة العامة في ما يتعلق بمضمون الدعوى العمومية. هذا فضلا عن ضعف التنسيق بين أعضاء هيئة الدفاع. كما انزلق بعضهم أثناء المرافعات نحو التشجيع على ممارسة العنف من خلال القول بأن المتظاهرين «لن يستقبلوا بالورود قوات عمومية تدخلت لفك المخيم»، وهي إشارة واضحة إلى استخدام قيادة المخيم للعنف ضد القوات العمومية.

 

 

كيف استغل «الملثمون» المخيم لتأجيج أعمال الشغب

أمام الضجيج الكبير الذي رافق أحداث «مخيم إكديم إزيك»، والتي استغلها الموالون للبوليساريو من أجل إظهار المغرب كهراوة معلقة على رؤوس الصحراويين، صدر كتاب أبيض من أجل إزالة اللبس الذي ساهمت في صنعه الآلة الدعائية المعادية لمصالح المغرب بقيادة العسكر الجزائري، وأيضا من أجل «توفير معطيات ومعلومات موضوعية بخصوص تملك مسار الأحداث، وإدراك كيفية تواترها وتطورها»، خاصة أن الجزائر حاولت، مع كل الجهات التي تطوف في فلك أموالها، أن تقدم صيغة واحدة للأحداث.

الكتاب الأبيض (الذي أنجزه فريق عمل من عدة قطاعات ونشرته المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان) اعتمد في صياغة مادته على تقارير أنجزتها 13  منظمة حقوقية وطنية مستقلة بما فيها هيئة المحامين بالمغرب، وثلاث منظمات دولية (هيومان رايش ووتش، أمنستي، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان)، إضافة إلى تقرير لجنة التقصي البرلمانية.

وقد أجمعت مختلف تقارير لجان التقصي والبحث، بما فيها لجنة التقصي التي أحدثها مجلس النواب، التي قامت بزيارات ميدانية إلى منطقة الأحداث في حينها، على أن فكرة إقامة المخيم تعود إلى 10 أكتوبر 2010، فيما أشارت  تقارير أخرى إلى أن فكرة إنشاء المخيم تعود إلى نهاية شهر شتنبر 2010، حيث أشارت إلى أنه «سبق أن حاولت مجموعة من الساكنة مرتين نصب مخيم نهاية شتنبر 2010، الأول، ضم 6 خيام بالضاحية الشمالية لمدينة العيون (الطريق إلى طنطان)، والثاني ضم 27 خيمة قرب إكديم ازيك في الضاحية الشرقية لمدينة العيون».

وجاء في الكتاب الأبيض أنه بعد الاتفاق الأولي مع والي الجهة بخصوص مطلب السكن والشغل الذي كانت ستستفيد منه المجموعة الأولى التي يتراوح عددها ما بين 30 و 40 فردا، تمت تعبئة كل من لم يستفد من السكن والشغل للالتحاق بمنطقة إكديم ازيك مصحوبا بخيمته، مما سيجعل المخيم يستقبل، على مراحل ودفعات، ما يقارب 6000 خيمة خاصة على مدى الأسابيع الثلاثة الأولى، والتي تتسع لما يقارب 20000 فرد من النساء والرجال والشباب والشيوخ والأطفال.

وفي السياق نفسه، سجلت تقارير متعددة، بخصوص اللوجيستيك الذي كان يتدفق على المخيم انتظام التزويد بالمؤن الغذائية، واستعمال عدد هام من السيارات، خاصة منها الرباعية الدفع والمزودة باستمرار بالمحروقات، فضلا عن توفر أجهزة الهاتف المحمول المعبأة لجميع أعضاء اللجنة التنظيمية.

وقد ظل المخيم، على مدى وجوده، خاضعا لمراقبة ثلاثة حواجز خاصة بأجهزة الأمن قبل الوصول إلى الحواجز الخاصة بـ «الأمن الخاص للمخيم » (الذي أحدثه المشرفون على المخيم).

وجاء في الكتاب الأبيض أن المخيم انتظم ظاهريا على أساس «المطالب الاجتماعية ذات الصلة بالفئة الأولى، المتضررة اجتماعيا، سواء على مستوى السكن أو الشغل، وهي فئة تضم الأرامل والمطلقات والمعوزين والعاطلين. غير أنه في واقع الحال كانت العناصر الموالية للبوليساريو، وذلك من خلال الشعارات التي كانت ترددها، والتي لا علاقة لها بمطلب الشغل والسكن.

وكشف التقرير أن الأحداث التي عرفها المخيم جاءت كصيغة لتفعيل إحدى توصيات المؤتمر الثاني عشر لجبهة البوليساريو والذي راهن، في بيانه الختامي، على ما يسميه: « تأجيج المقاومة في الأراضي المحتلة» !

وأوضح الكتاب الأبيض أن التقارير أشارت إلى  أنه «منذ إطلاق المبادرتين الأولى والثانية لنصب الخيام، تم الاتصال بوالي الجهة  حول مطالب المجموعة، وقد أسفر على اتفاق أولي بتقديم بطاقات الإنعاش الوطني لفائدة مجموعة يتراوح عددها ما بين 30 و40 فردا، مقابل إزالة الخيام واستمرار الحوار بخصوص المطالب الأخرى، وهو الاتفاق الذي تعثر».

وأضاف أنه  في مرحلة أولى، وبعد أيام عن نصب نفس الخيام بمنطقة «اكديم ازيك»، دعا والي الجهة ومعه ممثلو السلطات المحلية اللجنة الممثلة للمخيم للحوار. غير أن هذه الأخيرة اشترطت، منذ البداية، أن يتم إبعاد شيوخ وأعيان المنطقة من الحوار. ثم في مرحلة ثانية، سيباشر الحوار بلجنة مكونة من ثلاثة ولاة من الإدارة المركزية، وسيتم اشتراط إبعاد تمثيلية أبناء المنطقة في الطرف الرسمي في الحوار. بينما في مرحلة ثالثة، سيباشر وزير الداخلية نفسه جلسات الحوار مع اللجنة، وذلك يومي 29 أكتوبر و4 نونبر2010، وسيستمر نفس الشرط الخاص بإبعاد ممثلي المنطقة والمنتمين إليها من الطرف الرسمي في الحوار.

والملاحظ، كما جاء في الكتاب، أنه خلال جلسات الحوار الثمانية، سيتم التجاوب مع مطالب المحتجين، والإقرار بها واقتراح الحلول ذات الصلة، من طرف ممثلي السلطات المركزية، بيد أن سقف هذه المطالب سيظل يتسع ويتغير كلما سجل تقدم حول المطالب الأصلية، وذلك عند الرجوع إلى المخيم والاستشارة مع آلياته (لجنة الحوار والتنسيق والتنظيم والأمن)، وذلك بإضافة مطالب جديدة، يمكن التعهد بها على المدى المتوسط والبعيد، والتي لا يمكن حسب السلطات المحلية الوفاء بتفعيلها على المدى القريب مثل: (الطريق السيار الرابط بين أكادير والعيون، إحداث كليات: الطب، الهندسة، إلغاء العقوبات من السجلات العدلية).

وبسبب عدم تفعيل أعضاء لجنة الحوار الممثلة للمخيم للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع الثاني مع ممثلي السلطات المركزية، بتاريخ 26 أكتوبر، اقترحت الولاية الإشراف المباشر على هذه العملية داخل خيام خاصة تنصب بالقرب من المخيم. لكن «لجنة الحوار والتنسيق والتنظيم والأمن» لم تسمح لنزلاء المخيم بالتقدم نحو الخيام التي نصبت لإطلاق عملية التسجيل. وبعد التردد على هذا المستوى، أطلقت الولاية مبادرتها بالنسبة للتسجيل في جلسة عمومية بنفس المعايير التي تم الاتفاق عليها. غير أن الإعلان عن مراسيم توزيع بقع أرضية للسكن، وبطائق الإنعاش الوطني عبر وسائل الإعلام المرئية، اعتبرته «اللجنة» استهدافا للمخيم. غير أنه مرة أخرى، وبعد الاتفاق على جميع المطالب ذات الصبغة الاجتماعية والاستعجالية، والمطالب الأخرى التي اتفق على برمجتها أو دراستها، تمت صياغة محضر الاجتماع، وهو ما تطلب توقيع الأطراف ذات الصلة على مضمون والتزامات كل طرف. إلا أن لجنة الحوار الممثلة للمخيم ستتردد في التوقيع على محضر الاتفاق، وتطلب مهلة تشاورية. وعند عودتها جاء أعضاؤها بملاحظات إضافية على محضر الاجتماع الذي أخذوا نسخة منه، ولائحة باسم 200 شخص في وضعية إعاقة يطالبون لهم ببطاقات الإنعاش الوطني، وتم قبول الملاحظات وإدماجها، كما تمت الموافقة على اللائحة، والالتزام بالشروع في تسليم البطائق ابتداء من تلك الليلة. بيد أنه عند الانتقال إلى التوقيع على المحضر، أخبرت لجنة الحوار الممثلة للمخيم وزير الداخلية ووالي الجهة ومن معهما، بأنها تكتفي بالمحضر دون توقيع، والاعتماد على مبدأ الثقة. وتم الاتفاق على تحديد صباح يوم الجمعة 5 نونبر 2010، كموعد لالتحاق ممثلي السلطات المركزية لمباشرة إطلاق عملية التسجيل التي ستتم بالمخيم.

وفي اليوم المتفق عليه، كما جاء في التقارير التي اعتمدها الكتاب الأبيض، تقدم الوالي مصحوبا بممثلين آخرين للسلطة من أبناء المنطقة ورجال الإعلام، متوجهين إلى داخل المخيم في حدود الساعة العاشرة صباحا، لكن تم منعهم من طرف «والي أمن المخيم» (تسمية أطلقت على المسؤول عن الأمن داخل المخيم) والذي لم تستطع لجنة الحوار تجاوزه والإقرار أمامه بالتزاماتها وضمنها ما ورد في محضر الاجتماع.

وقد سجلت تقارير الهيئات الحقوقية أن هذا الحادث يعتبر مؤشرا أساسيا للوقوف عند ما شكل تعطيلا إراديا للجهات المتحكمة في المخيم لمسلسل الحوار والتنزيل العملي للحل بالرغم من تقدمه. وبذلك اتضح أن الحوار ظل، في كثير من الأحيان، يتقدم أو يتعطل ليس فقط في علاقة بالمطالب، بل وأساسا لتزامنه مع تواجد الأمين العام للأمم المتحدة بالمغرب وزيارة مبعوثه الخاص للمنطقة كريستوفر روس، وأيضا مع تخليد ذكرى المسيرة الخضراء، وإعادة النظر في تركيبة واختصاصات المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية )الكوركاس(، وإطلاق النقاش حول الجهوية الموسعة والحكم الذاتي. وهذا التزامن يبين أن المطالب الاجتماعية التي رافقت انتظام المخيم ما هي سوى حصان طروادة التي أرادت أن تستغله مجموعة من العناصر الملثمة المحسوبة على جبهة البوليساريو من أجل إشعال المنطقة وتحويلها إلى بؤرة توتر.

 

عن تنسيقية عائلات وأصدقاء ضحايا أحداث «إكديم إيزيك»

كانت أولى محاولات خلق إطار لتنسيق تحركات عائلات الضحايا خلال زيارة خوان مانديز المقرر الخاص بالتعذيب للمغرب من 15 إلى 22 شتنبر 2011، وقد سعينا للقاء به ولم نتمكن من ذلك ووجهنا له رسالة، ولما تم تحديد موعد المحاكمة في فاتح فبراير 2013 اجتمعنا عشية هذا الموعد وقمنا بهيكلة التنسيقية في شكلها الحالي، وهذه بعض دواعي التأسيس:

l غياب تام لأي اهتمام بمعاناة أسر الضحايا مقابل اهتمام وطني ودولي كبير بالمعتقلين على خلفية هذا الملف؛

l التعريف بما تعرض له الضحايا خلال قيامهم بواجبهم المهني من عنف ووحشية وقتل همجي لدرجة التمثيل بالجثث والتبول عليها؛

l لفت الانتباه إلى استمرار المعاناة النفسية والإجتماعية لأسر الضحايا (أغلبهم كان المعيل الأساسي للأسرة)؛

l التأكيد على مطلب معرفة الحقيقة في مقتل الضحايا وتحديد المسوؤلية جنائيا ومعاقبة من يثبت تورطه في هذه الجريمة تخطيطا، وإشرافا، وتنفيذا؛

l الحرص على التواصل مع وسائل الإعلام الوطنية والدولية والهيئات والمنظمات للتعريف بمطالب أسر الضحايا.

أكدت التنسيقية منذ بلاغها الأول على 5 مطالب أساسية هي:

l معرفة حقيقة ما جرى في يوم 8 نونبر 2010 خلال عملية تفكيك مخيم اكديم-ايزيك.

l  تحديد المسؤولية في ما وقع؛

l محاكمة من يثبت تورطه في جريمة القتل والتمثيل بالجثث؛

l توفير ضمانات المحاكمة العادلة؛

l إنصاف الضحايا وعائلاتهم.

في الحوار التالي يسلط أحمد اطرطور المتحدث باسم تنسيقية عائلات وأصدقاء أحداث إكديم – إيزيك الضوء على مستجدات الحملة الحالية حول المعتقلين على خلفية هذه الأحداث ويعبر عن موقف العائلات من ملابساتها ومن مطلب لجوء إلى إعادة المحاكمة.

 

أحمد أطرطور، المتحدث باسم لجنة تنسيقية عائلات الضحايا

إسماع صوت عائلات ضحايا أحداث «إكديم  إيزيك» هام جدا لإرجاع الأمور إلى نصابها

%d8%a5%d9%83%d8%af%d9%8a%d9%85-%d8%a5%d9%8a%d8%b2%d9%8a%d9%831

m ما هو موقف التنسيقية من هذه الحملة ضد المغرب لإطلاق سراح المعتقلين الذين سبقت أن أدانتهم المحكمة العسكرية في 17 فبراير 2013 في ملف «إكديم إيزيك»؟

l نحن في التنسيقية نتابع باستغراب كبير مثل هذه الدعوات التي لا تعطي أي اعتبار للحق الأساسي للإنسان، وهو الحق في الحياة، خاصة أن بعض من يقوم بمثل هذه الحملة: هي منظمات تقول أنها تدافع عن حقوق الإنسان، فأين هي إذن حقوق الضحايا من أبنائنا الذين تم اغتيالهم بطرق وحشية خلال عملية تفكيك مخيم إكديم – إيزيك، أليس هؤلاء أولى بالعناية والاهتمام من قبل هذه الجهات؟

 

m على ذكر الضحايا يقدم الإعلام الأجنبي وبعض المنظمات الدولية المعتقلين والمدانين أمام المحكمة العسكرية كضحايا، في غياب حضور صوتكم أنتم كأسر وأقارب لأفراد القوات العمومية الإحدى عشر الذين قتلوا في مخيم إكديم ـــ إيزيك، لماذا هذه المفارقة؟

l بالفعل إنها مفارقة يجب أن تسائل الجميع، صحيح أن قدرتنا في التواصل وإسماع صوتنا كأسر للضحايا الحقيقيين لهذه المأساة يبقى محدودا، لعوامل مرتبطة أساسا بمحدودية إمكانياتنا، في حين أن الطرف الآخر يسخر إمكانيات ضخمة للدعاية لأطروحته والسعي، إلى محو الطابع الجنائي للأعمال الوحشية التي اقترفت في مخيم إكديم – إيزيك وذهب ضحيتها 11 من أبنائنا، وقلب الحقائق وتقديم المدانين في صورة: «المناضلين السلميين» وهو ما يسهل حالات التعاطف معهم من قبل عدة جهات، بما فيها للأسف، جهات تتحرك في هذا الاتجاه داخل المغرب، علما بأن هذه الجهات نفسها كان لها موقف مسبق من القضية واختارت الانحياز للمجموعة الانفصالية سواء من خلال تنصيب محامين للدفاع عنهم في المحكمة العسكرية، أو إعداد تقارير وبيانات غير متوازنة وغير موضوعية بخصوص هذا الموضوع، فضلا عن تقديم الدعم لعائلات المعتقلين المدانين بشكل أحادي، دون أي التفاتة لعائلات الضحايا من القوات العمومية، وذلك ربما لحسابات وخلفيات أقل ما يقال عنها أنها «غير حقوقية» و»غير موضوعية».

m ضمن الحملة حول هذه المجموعة المعتقلة هناك من يكتفي بالمطالبة فقط بإعادة المحاكمة أمام القضاء المدني، خاصة بعد صدور القانون الجديد للمحكمة العسكرية الذي وضع حدا لمحاكمة المدنيين أمام هذه المحكمة، ماهو موقفكم أنتم كتنسيقية في هذا الأمر؟

l نحن نثق في السلطة القضائية ونحترم قراراتها، لكن من الضروري أن نشير إلى أنه أننا كعائلات للضحايا حرمنا خلال مجريات المحاكمة (يناير – فبراير 2013) أمام المحكمة العسكرية بالرباط من إمكانية إسماع صوتنا، لأن القانون المنظم لتلك المحكمة لم يكن يتيح هذه الإمكانية، لذلك فإذا تقرر إعادة محاكمة المعتقلين أمام محكمة مدنية، فإن هذا الأمر سيتيح لنا ولأول مرة أن نمارس حقنا في الإنتصاب كطرف مطالب بالحق المدني، وإبراز معاناتنا من جراء ما تعرض له أبناؤنا من تقتيل وإبادة بطرق وحشية وصلت حد سحل الجثث والتمثيل بها وانتهاك قدسية وحرمة الموتى، بالتبول على الجثث، ناهيك عن استمرار هذه المعاناة النفسية لدى أسر الضحايا، ولذلك فإن إسماع صوت عائلات الضحايا هام جدا لإرجاع الأمور إلى نصابها، وتحديد هوية الضحية وهوية المجرم بشكل لا لبس فيه.

 

«المجزرة الوهمية» التي أوقدت العصيان في الشارع

%d8%a5%d9%83%d8%af%d9%8a%d9%85-%d8%a5%d9%8a%d8%b2%d9%8a%d9%83-3

منذ الدقائق الأولى لتحليق طائرات الهيلكوبتر فوق مخيم «إكديم إزيك» وبداية تعميم نداء إفراغه، عمل الملثمون على ترويج إشاعة مفادها أن مجزرة تقع بالمخيم، وتم نقل الإشاعة إلى مدينة العيون لتنطلق تعبئة السكان من أجل الخروج إلى الشارع للتظاهر. وهو ما أدى إلى تنظيم مسيرة بشارع السمارة مشكلة من النساء واليافعين الذين يدرسون بثانوية المصلى، غير أن المسيرة سرعان ما تحولت إلى عملية تخريب شاملة بدأت بانتزاع أعمدة الإنارة العمومية، وتجميع الحجارة والعجلات المطاطية لبناء المتاريس لعرقلة أي تدخل للقوات العمومية وتقدمها. وكان قيادة العمليات تحت سيطرة مجموعة من العناصر كان بعضهم ملثما ويمتطي سيارات رباعية الدفع التي كانت تقف في اتجاهات معاكسة لتسهيل عمليات التخريب وعرقلة عملية المرور، وهذا ما دفع بالكثير من الملاحظين إلى تسجيل أن الطريقة التي باشر بها المخربون عملياتهم كانت تتسم بحرفية عالية. وهنا يجب تسجيل أن السيارات المستعملة في هذه العمليات كانت معدة سلفا، حيث لاحظ شهود عيان أنها تتحرك عند ركوبها بدون حاجة إلى استعمال المفاتيح.

وقد أدت عمليات التخريب إلى إتلاف عدد كبير من الوثائق بالمقاطعات  (المقاطعة 7 مثلا والمسجل بها 42000 مواطن) ومئات الوثائق الخاصة بمصالح الساكنة. كما تعرض أرشيف محكمة الاستئناف ومكتب الوكيل العام للملك للإتلاف والتخريب، رغم أن مكان تواجد الأرشيف والمكتب يصعب الوصول إليه، علما أنه المخربين تجاوزوا مكاتب عديدة، تقع قبل مكتب الوكيل والأرشيف، دون المساس بها. وقد شهد شارع السمارة، وما يتفرع عنه من شوارع وأزقة، أعمال عنف وتخريب متواتر، وظهر، حسب بعض الشهادات، أن الهجوم على المحلات التجارية والممتلكات الخاصة كان يتم بانتقائية، حيث استهدفت محلات وممتلكات التجار الذين ينتمون إلى مناطق شمال ووسط المغرب وبنايات توجد في ملكية بعض الأعيان من أبناء المنطقة. وخلال الهجوم على المؤسسات والمنشئات والمصالح، لوحظ حسب تقاطع إفادات، ضعف التغطية الأمنية خلال صبيحة الاثنين، بالشارع وبالقرب من تلك المنشئات العمومية، وأن وجودها بدأ يتعزز خاصة عند فندق»النكجير»، كما تم التدخل للحيلولة دون النفاذ إلى داخل قاعات قناة العيون الجهوية بعد استهدافها وإحراق ثلاث سيارات في ملكيتها، كانت رابضة بمدخل مبنى القناة.

عند الحادية عشر بدأت العناصر التي أطلقت عمليات التخريب والحرق في التوجه نحو ملتقى الدشيرة، حيث كان يتواجد العشرات من الساكنة التي تصدت لهم، وليتقدم هؤلاء لملاحقة تلك العناصر وأخرى قادمة من «حي مولاي رشيد».

 

قائمة بأسماء الضحايا الذين تم اغتيالهم في «إكديم إيزيك»

%d8%a5%d9%83%d8%af%d9%8a%d9%85-%d8%a5%d9%8a%d8%b2%d9%8a%d9%83-4

 

11 قتيلا من قوات الأمن وأكثر من 24 مليون دولار في مهب أعمال الشغب

في سيناريو وضبه الانفصاليون بعناية، ما إن شرعت السلطات في تفكيك تفكيك مخيم «إكديم إيزيك»، حتى اندلعت أعمال شغب شاركت فيها سيارات رباعية الدفع وعناصر ملثمة تتحرك باحترافية قتالية، مما ترتب عنه خسائر مادية جسيمة وصلت، حسب ولاية العيون، ما مجموعه 24.025.528,72 دولار أمريكي. وقد شملت الخسائر الممتلكات العامة (البنايات الإدارية وسيارات المصلحة) والخاصة (المحلات التجارية وسيارات الخواص)، بالإضافة إلى بعض المؤسسات البنكية. وبلغ عدد المتضررين في ممتلكاتهم الخاصة حوالي 282 متضررا. وقد شملت الأضرار، على مستوى مدينة العيون، 145محلا تجاريا و90 سيارة.

أما الخسائر، على مستوى مدينة المرسى، فهمت البنايات الإدارية والوكالات المصرفية والبنكية والسيارات والشاحنات التابعة للمصالح الإدارية أو تلك التي في ملك الخواص، فضلا عن بعض المساكن والمعدات؛ وتشمل هذه الخسائر تخريب وإتلاف 5 بنايات إدارية و 3 وكالات مصرفية وبنكية؛ تهشيم وإحراق 6 سيارات وشاحنات تابعة للمصالح الإدارية، و9 سيارات وشاحنات في ملك الخواص.

أما على مستوى الخسائر البشرية، فقد بلغ عدد المصابين بجروح متفاوتة الخطورة 70 فردا من القوات العمومية، و4 في صفوف المدنيين. كما لقي 10 عناصر من القوات العمومية مصرعهم، فضلا عن عنصر من الوقاية المدنية. والقتلى هم: نور الدين أودرهم، محمد علي بوعلام، ياسين بوقطاية ، عبد المومن النشيوي، وليد آيت علا، بدر الدين الطوراهي، عبد المجيد أطرطور، أنس بن الهواري، بنطالب الختيل، عالي الزعري، محمد نجيح.

 

هكذا تم تفكيك المخيم

%d8%a5%d9%83%d8%af%d9%8a%d9%85-%d8%a5%d9%8a%d8%b2%d9%8a%d9%83-5

أكد الكتاب الأبيض أن تفكيك المخيم بدأ في الساعة 6 و 45 دقيقة من يوم الاثنين 8 نونبر2010 ، بعد تعميم نداء إخباري شفوي باللهجة المحلية، في الساعة  5و 50 دقيقة، وقبله كانت عمليات إزالة الجدران الرملية التي كانت محيطة بالمخيم لتسهيل عبور الأفراد والسيارات الخاصة بالنزلاء، وهي العمليات التي استغرقت ليلة الأحد وصبيحة يوم الاثنين إلى حدود الساعة الرابعة صباحا تقريبا. حيث بدأ إخلاء المخيم، والاتجاه نحو الحافلات التي وضعت رهن إشارة نزلاء المخيم من أجل عودتهم إلى مدينة العيون. غير أن عناصر مسلحة بالسلاسل والخناجر والسيوف والسكاكين والعصي، وضمنها عناصر ملثمة، شرعت  ترمي بقنينات «المولوتوف» الحارقة بالقرب من الخيام وفي اتجاه القوات العمومية، مما شكل خطرا كبيرا على حياة نزلاء المخيم وهم يستعدون لترك خيامهم. وهو ما جعل القوات العمومية تبادر إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين ولتسريع وتيرة إخلاء المخيم.

وأمام ذلك تحركت سيارات رباعية الدفع توجد في ملكية نزلاء بالمخيم وعلى متنها ملثمون، بالإضافة إلى عشرات العناصر الأخرى حاملة لسكاكين وعصي وسيوف نحو أفراد القوات العمومية المتواجدة في عين المكان للاشتباك معها. وأثناء ذلك، توزع نزلاء المخيم إلى مجموعات، منهم من اتجه إلى حافلات النقل التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، ومنهم من قصد المنافذ التي تم فتحها للسير مشيا على الأقدام في اتجاه المدينة والدخول إليها عبر شارع السمارة. فيما واصلت العناصر المسلحة هجومها على القوات العمومية )الدرك والقوات المساعدة(، والتي امتدت زهاء ساعة ونصف سقط على إثرها قتلى في صفوف القوات العمومية وجرحى من الطرفين.

قائمة بأسماء المجرمين القتلة المدانين في ملف «إكديم إيزيك»

 

%d8%a5%d9%83%d8%af%d9%8a%d9%85-%d8%a5%d9%8a%d8%b2%d9%8a%d9%83-6

أنفاس بريس :  أعد الغلاف: أحمد لفضالي


إحتراما منا لعائلات الضحايا الشهداء،لا نريد إظهار أشرطة وفيديوهات جرائم عمليات الذبح والتبول على الجثث الذي إقترفها هؤلاء المجرمون القتلة وهي أفظع من جرائم قطع الرؤوس التي ترتكبها داعش الإرهابية.لا للتساهل مع هؤلاء السفاحين.

هدى بريس

Bewaren